سعيد ياسين (القاهرة)

«يعد السارد/‏ الراوي، مكوناً أساسياً من مكونات عملية السرد بشكل عام، والسرد السينمائي وبناء الفيلم بشكل خاص، والراوي السينمائي يتميز بأن حكيه لا يقتصر على السرد اللفظي القائم على التلخيص والتقرير فحسب، بل إنه قد يثير بحكيه مشاهداً تقوم على منطق تتابع الصور، والعرض البصري لما يحكيه»..
ما سبق جزء من مقدمة كتاب «تعدد أصوات الراوي فى سيناريو الفيلم السينمائي» للدكتورة فدوى ياقوت الأستاذ المساعد ورئيس قسم السيناريو في المعهد العالي للسينما في أكاديمية الفنون المصرية، والذي صدر مؤخراً عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، حيث أشارت المؤلفة الى أن أغلب الدراسات السينمائية التي تتطرق إلى عملية السرد في السينما، لم تتأسس من خلال دراسة الظاهرة السينمائية، بل إنها وفدت على السينما من مجالات سردية أخرى سابقة على السينما مثل الحكاية الشفوية والمسرح والأسطورة والرواية، ورأت أن تقتصر دراستها على الأفلام الروائية، أو التي تقوم على حكي قصة، والتي يمكن أن تتوافر فيها ظاهرة تعدد الأصوات أو تعدد وجهات النظر، ومنها «الزوجة الثانية» و«دعاء الكروان» و«شئ من الخوف» و«عائلة زيزي» و«أبو حلموس» و«حادثة شرف» و«شفيقة ومتولي».
وتم تقسيم الكتاب الى عدد من الفصول، حمل الأول عنوان «الجذور الثقافية والاجتماعية لتقنيات السرد في السينما المصرية»، وتم التعرض فيه للأشكال السردية المختلفة التي توظف أشكال الراوي وتعدد الأصوات، التي سبقت ظهور السينما المصرية، والثاني «آليات السرد وتعدد الأصوات بين الأدب والسينما»، وتم التعرض فيه لنشأة مفهوم الراوي/‏السارد وتطوره التاريخي، ثم تم التعرض بعد ذلك للفروق النوعية بين كل من الأدب والسينما، ومصطلحات السرد في السينما، وأساليب الكشف عن هوية الصوت السردي في الفيلم السينمائي، والثالث «أشكال الراوي في السينما والسينما المصرية كحالة خاصة»، وتم التعرض فيه لأشكال وتجليات السارد/‏الراوي في السينما بشكل عام، والسينما المصرية بشكل خاص، وانقسم هذا الفصل الى جزأين، الأول السرد الخارجي، وتناول الأشكال المختلفة للسارد الذي ليس شخصية في الفيلم، والثاني السرد الداخلي، وتناول أشكال الراوي/‏ السارد الداخلي وهو شخصية مشاركة في الحكي الذي تحكيه. وحمل الفصل الرابع عنوان «السرد الدرامي في السينما بين الصوت الواحد وتعدد الأصوات»، وتعرض للسرد الدرامي الذي يتميز بأنه يمكن أن يأتي على شكلين أساسيين، هما السرد الداخلي الدرامي الأحادي، والسرد الداخلي الدرامي المتعدد، وخلصت فدوى الى عدد من النتائج، من أبرزها أن مفهوم المنظور أو وجهة النظر في الفيلم السينمائي يختلف عنه في حالة الرواية الأدبية، وأن السينما المصرية ظلت أسيرة المنظور المونولوجي التقليدي، الذي يوظف أشكال السرد الأحادي الذي يختصر السرد إلى صوت واحد مهيمن، هو الصوت السارد في الفيلم، وأن السينما المصرية في استخدامها لتعدد الأصوات لم تحاول نقل النموذج المستخدم في السينما الغربية بشكل حرفي، وذلك لأن الفيلم المصري في الغالب لايطرح التعدد الصوتي على طول عملية السرد، بل يقوم بتوظيف السرد المتعدد وهذا يختلف عن السينما الغربية من حيث الهدف.